شريف فرج |
بقلم : شريف فرج
من الطبيعى والمنطقى أن دخول فصل الصيف يعنى الاستعداد
للمصيف , والرحلات , ومراكب الصيد , والساحل الشمالى , وطبعًا معسكر جامعتى
العزيزة في "باجوش" , لكن إطلالة "صيف 2014" لها طبيعة خاصة، هكذا
الإعتقال يجعل لكل شئ مذاق مختلف.
هنا الصيف يعنى هذه الكائنات الخرافية "الصراصير" , بما يذكرني أن لأمى
طقوس صيفية، تشبه طقوس الأعياد والاحتفالات , وضيف ذو درجة مهمة, كل جهدها تطلقه لإستمرار مكافحة الشغب من ثلاثة
أولاد وأبوهم - يضاف إلى هذا وسواس النظافة.
تؤمن أمى أن الوقاية خير من العلاج وأن المكافحة المبكرة
لأى "صرصور" خير من الـ "صرصور" نفسه , ولكن هذه كائنات خرافية حقًا - حتى إعلانات "ويستمر
وينتشر ويتوغل" باتت عاجزة مثلها مثل "يقتل 99.9% من البكتريا" , قال
يعنى خلاص الـ 0.1% هو اللى جامد أوى - كلهم بيضحكوا علينا بأسلوب واحد زى
الأوكازيونات المصرية.
اللحظات الكارثية هى اللحظات التى يفقد فيها "صرصار"
طائر إتجاهه إلى بيتنا –حيث تبدأ حالة الطوارئ "ج" - هذا يعنى أن أمى
قد اختفت خلف هذه الباب البعيد وأحكمت اغلاقه عليها وهيا تنادى بصوت عالى : "صرصار
بيطيير" - طبعا من المهم أن تنادى فينا طبيعتنا الذكورية الشهامة وتستدعيها
لنتحول كلنا إلى جنود إسبرطه , حيت ندجج أنفسنا بحلل فوق رؤوسنا وشاشب بأيدينا.
ومع مرور
الثوانى تسمع أمى صوت الشباشب قد ارتطمت بالحائط فتنادى علينا : "مات ؟"
وكلنا فى صوت واحد : "لسه" , هذا الخوف الذى يدفع أمى للنظافة الدائمة
ويدفعنى وإخوتى لإرتداء الحلل على الرؤوس - أكاد أجزم أنه تلاشى معى فى هذه الظروف
الضيقة فى هذا السجن.
أتذكر مشهد دخولى لهذه الزنزانة وكأنى دخلت بالوعة مليئة
بالصراصير , كم كنت متقزز ومتأفف، لم أدر إلى الآن كيف مرت ليلتى الأولى هنا , قد تكون غيبوبة من قشعريرة جسمى بسبب هذه الكائنات ,
ولكن مع مرور الأيام تلاشى الخوف , مع
انقضاء الليالى أصبحت أكثر جرأة حتى أصبح منديل ورقى يكفى للإنتصار على هذا الهرقل
. هكذا الإعتقال يعلمك
التعايش ويكسر عنك خوفًا إسمه "الصراصير" دخل الشتاء؛ فدخلوا إلى شرانقهم.
وهاهم يعودون فأعلم بتقويم
الطبيعة أن فصلا كاملا مر على فى هذا المكان , وها قد تعلمت الدرس والآن أشتاق إلى الرحلات الصيفية
ومعسكر باجوش.
كاتب هذا المقال : معيد بكلية الفنون الجميلة – جامعة الإسكندرية
, وعضو بحملة "إنقذوا الإسكندرية" المهتمة بالحفاظ على التراث المعماري
للمدينة , حاصل على شهادة تقدير من جامعة الإسكندرية على مشاركته فالفعالة في
محمية رأس سدر بجنوب سيناء , وحاصل على شهادة التخطيط الإستراتيجي من مركز تنمية
قدرات هيئة التدريس والقيادات ,عضو مؤسس للأسرة الطلابية "دوشة",عضو مؤسس لاتحاد شباب هيئة التدريس بالجامعات
المصرية,ممثل المعيدين والمدرسين المساعدين بالجامعات المصرية بالمجلس الاستشاري
لوزارة التعليم العالي, سفير للشباب المصري تحت 30 عام في مؤتمرSafir labبفرنسا مع شباب من مختلف دول العالم.
حصل على الماجستير في تخصص العمارة , بمناقشة رسالة حول
"الفن المعماري" داخل "سجن الحضرة" , بعد رفض إدارة السجن
خروجه للمناقشة , كما رفضت حضور أ من ذويه لتلك المناقشة , وهو محبوس إحتياطيا ً لمدة ذات عن 100 يوم , على خلفية قضايا أحداث 14 و16 أغسطس 2013 , المتعلقة بالمظاهرات التي خرجت عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، ويواجه
إلى جانب عشرات آخرين عدد من التهم , على رأسها قتل 34 شخصاً وإصابة 33 آخرين
والشروع في قتلهم والتجمهر وإستخدام العنف , وهو ما نفته نهى منصور – خطيبته ,
وأكدت أن ذلك تزامن مع احتفالهما بخطبتهما , وأنهما تواجدا معا خلال تلك الأحداص
وبعيدا ً عنها.
وموقع محلي – الإسكندرية إذ ينشر هذا المقال في إطار
التضامن البسيط والرمزي مع "شريف فرج" , ويؤكد على مطلب "الحرية
للجدعان".
المواضيع المرتبطة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق