إفتتاح تطوير مستشفى "المواساة" ... تاريخ من الصراع مع الفساد

قسم الاشعة بعد تطوير المواساة

محلي – الإسكندرية : إسلام أبو المجد 

افتتحت اليوم أعمال تطوير مستشفى "المواساة" , بعد أربع سنوات من نقل تبعية الإشراف عليها من المؤسسة العلاجية بالإسكندرية إلى جامعة الإسكندرية بالقرار الجمهوري سنة 2010, نظرا ً للفساد والإهمال والديون المتراكمة التي كانت تعانيها المستشفى , ضمن مستشفيات الجمعيات الأهلية التي أنتزعت تبعيتها لصالح المؤسسة العلاجية ثم محافظة الإسكندرية , وهي مستشفى المبرة ومستشفى أحمد ماهر ومستشفى الماتيرنتية والمستشفى القبطي , بالإضافة إلى مستشفى المواساة , وكانت كل واحدة منها تمثل قلعة فريدة في خدمة المرضي في المنطقة التي توجد بها . 

"المواساة" ... الآن

أجهزة تشخيصية حديثة بمستشفى المواساة

نموذج هندسي لتطوير مستشفى المواساة

 وتحتوى مستشفى "المواساة" على عدد 70 سرير مرضي ما بين اجنحة ودرجة أولى ودرجة ثانية , كما تحتوى على 14 سرير عناية مركزية , وعدد 6 أسرة عناية مركزية جراحية , بالإضافة لثلاثة غرف عمليات عاليه التقنية , حيث تحتوى علي مناظير جراحية , وتختص بالعمليات الجراجية ذات المهارات العالية وتشمل زرع الأعضاء.

كما تشمل المستشفى وحدة غسيل الكلي وتحتوى علي 46 ماكينة غسيل ، ووحدة زرع النخاع وتحتوى علي عدد 4 كبسولات ، ومعمل خلايا جزعيه عاليه التقنية ، ووحدة أشعة التشخيصية التداخلية , وتحتوى علي جهاز أشعه مقطعية 64 مقطع , ويشمل خاصيه الأشعة التداخلية , وعدد 2 أشعة عادية رقمية ’ وعدد 5 أجهزة موجات فوق صوتية , وعدد 1 جهاز قسطرة للأشعة التداخلية عالي التقنية ,  ووحدة جراحات وزراعه الكبد ووحدة جراحة تشوهات العمود الفقرى .

وجاءت التجديدات بعد أن بدأت المستشفي الدخول في حالة سيئة , وتراكمت عليها الديون , نتيجة وقائع فساد وإهمال مثبتة , أثناء تبعية المستشفى للمؤسسة العلاجية.

صورة أرشيفية لإفتتاح مستشفى المواساة

وقد أشاد حضور الإفتتاح بدور المشاركة المجتمعية الذي كان له دور في التجديدات , حيث ساهم أحد المتبرعين بالتبرع للمستشفى بحوالي 90% من المبالغ المطلوبة للتجديدات , بالأضافة الي إنشاء صندوق يحتوى علي عشرة ملايين جنيه , يتم من خلاله علاج الحالات الغير قادرة , حيث تقدم المستشفي خدماتها الطبية بمعرفه التأمين الصحي ونفقة الدولة , وبذلك لا يتكلف المريض أى نفقات. 

حضر الإفتتاح كلا من, والأستاذ الدكتور أسامه ابراهيم – رئيس جامعه الاسكندريه , والأستاذ الدكتور محمد أشرف سعد جلال – عميد كليه الطب , والدكتور حبشي عبد الباسط – رئيس قطاع مستشفيات جامعه الاسكندرية , وطارق المهدي محافظ الإسكندرية. 

بداية "المواساة" ... وصراع مع الفساد

وكان قد تم افتتاح المستشفي رسميا في‏1936/11/12 بحضور الملك فاروق ملك مصر والسودان, بعد تاريخ من الصراع مع الفساد منذ النشأة وحتى الآن.

وإستهدفت جمعية المواساة الإسلامية الخيرية بالإسكندرية , إنشاء مستشفي أهلي بمدينة الإسكندرية يخصص قسم كبير منه لمعالجة الفقراء مجانا , فقامت بالدعاية وتدبير المال اللازم له، وقد نجح محمد فهمي عبد المجيد رئيس الجمعية في إضافة نص إلي قانون الجمعية يقضي بأن يكون من ضمن أغراضها معالجة المرضي وتحقيقا لذلك أصدرت الجمعية العمومية للمواساة قرارا في اجتماعها المنعقد بتاريخ‏1929/10/27‏ بإضافة هذا النص لقانون الجمعية ومن هنا كان إنشاء عمارة المواساة والاستعانة بإيرادها في بناء مستشفي المواساة‏.

صادف جهود محمد فهمي عبد المجيد العديد من الصعاب والعقبات لشراء قطعة أرض في المنطقة الواقعة بين محطة الشاطبي وشارع أبي قير،‏ وتبلغ مساحتها‏1850‏ م‏2‏ لبناء مستشفي المواساة‏,‏ ولكن العقبات التي وضعت اجبرت الجمعية علي شراء قطعة الأرض الخلفية في‏25/8/1931.

نجحت جهود الجمعية في بناء المستشفي في نحو ثلاث سنوات بفضل إصرار القائمين علي جمعية المواساة , وعمل محمد فهمي عبد المجيد أن يكون بناء المستشفي علي أحدث النظم‏، وأن يكون مثلا يحتذي به‏، وتحقيقا لهذا الاصرار سافر محمد فهمي عبد المجيد ومعه سكرتير الجمعية وأحد أصدقائه الأوفياء محمد سعيد جميعي الي ألمانيا للاطلاع علي أحدث المستشفيات بها وهو مستشفي مارتن لوثر ،‏ ليكون نموذجا لمستشفي المواساة ولجمعه لثلاثة عناصر أساسية هي المنفعة والبساطة والاقتصاد‏.

تم استدعاء المهندس الإخصائي الذي قام بتشييد مستشفي مارتن لوثر ببرلين‏، وهو الهر ارنست كوب‏، الذي حضر إلي الإسكندرية في‏20/7/1931، وعاين الأرض ووضع التصميمات الهندسية والرسومات التفصيلية الخاصة بالمستشفي‏.

في 1931/11/22‏ بدأت الأعمال لإنشاء مستشفي المواساة التي صادفها الكثير من الصعاب المالية اللازمة لتنفيذ هذا المشروع‏,‏ الأمر الذي دفعها الي الحصول علي سلفة من بنك مصر لاستكمال إنشاء المستشفي ،‏ وتم رهن العمارة التي تمتلكها الجمعية ضمانا لهذه السلفة‏ ،‏ والتي بلغت‏30,000‏ جنيه مصري.

عجزت الجمعية عن الوفاء بسداد القسط الأول للسلفة في يونيو‏1934,‏ وبرغم محاولاتها الحصول علي مهلة في السداد فإن البنك أصر علي نزع ملكية العمارة التي تمتلكها جمعية المواساة , وكان في تصرفه هذا مكرهاً علي هذا السلوك من القصر‏,‏ الذي كان يرغب في ارساء مناقصة بناء المستشفي علي أحد أعوانه‏.

رفض فهمي عبد المجيد الخضوع بإعطاء مقاولة البناء لشخص معين‏ ,‏ فكانت أول ضربة وجهت للجمعية امتناع الملك السابق فؤاد عن حضور حفل وضع حجر الأساس للمستشفي , وكانت الثانية صدور الأمر لبنك مصر باستعمال منتهي القسوة والشدة في معاملته للجمعية‏.

تمكنت الجمعية من الخروج من هذا المأزق باصدار يانصيب علي العمارة‏، كان الأول من نوعهة في القطر المصري ونجح اليانصيب نجاحا منقطع النظير ،‏ وأقبل الناس عليه ،‏ وحقق للجمعية ربحا بلغ نحو‏60,000‏ جنيه مصري‏,‏ وسددت جميع الديون التي علي الجمعية لبنك مصر‏.‏

وتم افتتاح المستشفي رسميا في‏1936/11/12 , وفي  سبتمبر 2010 تم ضم مستشفى المواساة إلى جامعة الإسكندرية وأصبحت تتبع مستشفيات الجامعة وبها يدرس طلبة كلية الطب العلوم الأساسية التي تدرس في السنوات الثلاث الأولى.

المواضيع المرتبطة : 

  قصة مواطن مصري ... من أمام سور المستشفى إلى المشرحة