صورة أرشيفية من الثورة المصرية |
بقلم
: إسلام أبو المجد
إذا كان الكواكبي في كتابه " طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد " قد عرف الحاكم المستبد " أنّ الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان فعلاً أو حكماً، التي تتصرّف في شؤون الرّعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محقَّقَين" .
المستبد غاصب
ويستمر الكواكبي في وصفه " المستبدّ: يتحكَّم في شؤون النّاس بإرادته لا بإرادتهم، ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم من نفسه أنَّه الغاصب المتعدِّي فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من النَّاس يسدُّها عن النّطق بالحقّ والتّداعي لمطالبته ".
المستبد ونظرية المؤامرة
لذلك فأن المستبد يرى الثوار أشخاص متآمرين , مندسين منفصلين عن المجتمع الذي من المفترض أن يمثلوه , دائما ً متوجهين الغايات إما غامضة او خطيرة على المجتمع , مع النظر للجماهير على أنهم بلهاء , أغبياء , شديدوا الجهل والإنفعال لدرجة لا تسمح لها ان تفكر بمفردها , او ان يكون لها الارادة الحرة أو القدرة على الثورة والإستمرار فيها , و أن الناس لا تختار الطريق الثوري بملء إرادتهم بل نتيجة ألاعيب عناصر مشبوهة او التابعين لقوة اجنبية او على الاقل المعتنقين لسياسة اجنبية , وكأن الجماهير مجرد احجار شطرنج .
وهم عجلة الإنتاج
ويقودنا التاريخ الآن الى عصر حصلت فيه الجماهير التي تتكون في غالبيتها الطبقات الفقيرة على قوة سياسية , لعدة اسباب وخاصة بسبب تعقد أساليب التصنيع , زيادة التخصص , وترابط المجتمع الصناعي - بما يشبه الحالة الاولى للمجتمع الانسانية والمعيشة الجماعية - وأهمية العمل المنضبط واتساع أسواق الاستهلاك , وأكسبها دورها الجديد - باعتبارها منتجة ومستهلكة – وسيلة للتاثير .
فإذا توقفت عن العمل إنهار الاقتصاد , ويحدث نفس الشئ إذا انقطعت عن الشراء والاستهلاك , وإذا ما قتلت نشأ عن هذا انعكاسات عالمية نرتكزة على اعتبارات اقتصادية , ولا يستطيع المستبد - وفقا ً لهذا – ان يحكم هو وحكومته الا بالمساهمة والرضاء الشعبيين , وبذلك يقوم المستبد وحكومته بتقديم تنازلات مدروسة في أطر الديمقراطية الوهمية مع استعمال البلاغة الرأسمالية , وفي بعض الاحيان قبول الحلول الوسط من أجل الحفاظ على السلطة وابقاء الطبقات الفقيرة في اعمالها الاعتيادية التي تدر الفوائد .
وهنا تظهر حساسية المستبد لأنه يجب امام الدول الرأسمالية المتبوعة يجب أن يُشغل الاقتصاد بأي ثمن و, فعليه ان تسد نصيبه في الاقتصاد الرأسمالي العالمي حتى لا يقع تحت طائلة العقاب او الترك .
تكتيك المستبد ... تكتيك الثوار
تلك هي نٌقاط الضعف للمستبد , وبما يسمح للثورة وإستمرارها من التأثير حتى التغيير الجذري , وبذلك يختلف تكتيك المستبد في صد المد الثوري وإستمراره عن تكتيك الثوار , فيبحث المستبد عن كل حب عسكري وأمني لإبادة الثوار , لكنه معاق بعقبات سياسية وإقتصادية فهو لا يستطيع ان يبيد الشعب أو احد طوائفه , وإن كان ينساق دوما في هذا الطريق ثم ما يلبث إلا أن يكبح جماح زبانيته .
و الثوار يهدفوا الى تسعير نار الثورة , حتى يزول الخبث , في صراعهم مع المستبد , وتحريض الشعب كله ضد النظام القائم واذنابه , وإظهار عيوب النظام وعزله وتقويض اقتصاده , وتفكيكه .
ولنا في الحديث بقية ...
المواضيع المرتبطة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق