أصبحت مشكلة تراكم
القمامة والمخلفات الصلبة تقلق كل مواطن سكندري , مناظر أكوام القمامة , وفارزي
القمامة علي مسافات بين كل 50 : 100 متر أصبح المنظر المعتاد بكل شارع , وبات هذا
الواقع الأليم يجرح أهل الإسكندرية .
القمامة تعكس حالة العدالة الإجتماعية
يقول الجميع مواطنين ومتخصصين أنه يجب النظر لمشكلة قطاع القمامة وإدارة
المخلفات الصلبة بشكل يمس مطالب العدالة الاجتماعية , وذلك لأن العمل على
تطبيق المبادئ الاساسية لادارة واقتصاديات قطاع المخلفات الصلبة بشكلها كسلسلة
متواصلة من الجمع وحتى اعادة التدوير او الدفن الصحي يوضح مدى سذاجة مبادرة وطن
نظيف , وبعدها عن الاسلوب العلمي والعملي والمؤسسي, وقربها من الاطار الدعائي
والمظهري , وبالاخذ في الاعتبار انزال ذلك على الواقع العملي , وبيان حجم المشكلة
الانسانية صحيا ً واقتصاديا ً واجتماعيا ً الناتجة عن اهمال قطاع ادارة المخلفات الصلبة
بمحافظة الاسكندرية , حيث ضعف كفاءة قطاع ادارة المخلفات الصلبة في المناطق
الحضرية الراقية الى ان تنعدم في المناطق الريفية مرورا ً بالمناطق الحضرية
الشعبية , ومناطق العشوائيات .
اليوم : القمامة بدربالة |
تاريخ معاناة عروس
البحر تبدأ بمرحلة السيارة الحمراء
فقد عانت عروس البحر الابيض المتوسط سابقاً وعلى مدار سنوات من مشكلة تداول
المخلفات الصلبة بكافة انواعها , سواء من خلال إسناد إدارة القطاع حتي منتصف الثمانينات لجامعي القمامة المرخصين
فقد كانت العربات التي تجرها الدواب هي وسيله النقل الوحيده التي تستخدم , ولكن خلال العشر سنوات الاخيرة تم إستبدال تلك الطريقه بالكامل تقريبا , ثم ظهرت تجربة للوحدات المحلية متمثلة في هيئة نظافة وتجميل
محافظة الاسكندرية " مرحلة السيارة الحمراء )" , والتي تم تمويل القطاع
خلال هذه الفترة من خلال المعونة الامريكية متمثلة في سيارات جمع القمامة و
المخلفات الصلبة , وهي الفترة التي دلت اشد دلالة على مدى الفساد التي تعيش به مثل
هذه الاجهزة في ظل النظام البائد , فعلى الرغم من ان تكلفة إدارة القطاع ضعيفة
وتنافسية الا ان الهيئة انهارت مع تقادم عمر السيارات واهلاكها , مع عدم قدرتها
على تحديثها بعد ذهاب ايرادتها الى المكافآت لمديري الهيئة التي كانت من أشهر
الادارات المحلية التي مصدر اصحاب السلطة والامر والنهي فيها من العسكر.
اليوم : القمامة بسوق دربالة |
مرحلة السيارة
الصفراء
ثم جاءت المرحلة الشبابية , وهي مرحلة قصيرة بدأت مع طرح الصندوق
الاجتماعي للتنمية مشروع تمويل سيارة لجمع المخلفات الصلبة بالاسكندرية "
مرحلة السيارة الصفراء " لعدد اربع من الشباب بالتعاون مع جمعيات بيئية , وذلك
سواء من خلال برامج اعادة تأهيل الخريجين , او برامج تنمية قدرات شباب فارزي
القمامة بالمناطق , عن طريق تمويل سيارة مجهزة – تصنع بالمصانع التابعة لوزراة الإنتاج
الحربي – وعقود مع المحافظة لجمع المخلفات الصلبة مقابل رسوم تجمع مباشرة من
الاهالي .
وكانت هذه المرحلة من أفضل المراحل
بالاسكندرية في ادارة هذا القطاع تحت اشراف إدارة الرصد البيئي بالمحافظة التي
قامت بتقسيم المحافظة بين العاملين بالمشروع الذين قاموا بإدخال أكياس تجميع
المخلفات السوداء لاول مرة بالاسكندرية ضمن رسوم جمع المخلفات , وقد ظل القطاع
يعمل باطار منتظم وبشكل يكتسب الإحترافية يومياً بعد يوم الى ان جاءت الادارة
المحلية وبدأت في اصطناع المشكلات مع العاملين في المشروع , كان أهمها رفض إستلام
المخلفات من السيارات بمواقع المحطات الوسيطة او المدفن الصحي او مصانع السماد
العضوي , الامر الذي أدى الى إمتناع العاملين عن العمل فترة من الزمن ماعدا
السيارات التابعة لقدامى فارزي المخلفات حيث لديهم خبرة في تصريفها بعيدا عن
الاطار القانوني , فعمل ذلك على امتناع المنتفعين من الاهالي عن دفع رسوم جمع
المخلفات بما ادى الى تعثر هذه المشروعات , خاصة بعد قيام الصندوق الاجتماعي
للتنمية برفع دعاوى جنائية لعدم سداد المنتفعين بالاقساط , ودخول بعضهم الى السجن
لعدم السداد – وان خرجوا بمصالحات بعد ذلك – او اتجاه بعضهم للتنازل عن هذه
السيارات لفارزي المخلفات .
صورة أرشيفية |
مرحلة السيارة
البيضاء - العولمة
يلي ذلك وهذا ما كان يتم
تنسيقه الاتجاه نحو عولمة ادارة قطاع المخلفات الصلبة في مصر عن طريق اسناد
الادارة لعدد من الشركات دولية النشاط رسى على الاسكندرية منها شركة Onyx
التي شرائها من قبل شركة VEOLIA " مرحلة السيارة البيضاء " حيث بدأ العمل بمشروع نظافة الإسكندرية اعتبارا من9/3/2001 ولمدة 15 سنة
.
وهو عقد بقيمة 500 مليون
يورو لتأمين نظافة مدينة الاسكندرية حيث تم اسناد اعمال ادارة المخلفات الى شركة اونيكس, التى قامت بدورها بتقسيم مدينة الإسكندرية الى ١٨ قطاع نظافة تمثل
٧٥٪ من مناطق المدينة السكنية للقيام بخدمات
خدمة جمع المخلفات, اعمال خدمة المرافق العام , أعمال النقل و محطات النقل الوسيط , أعمال معالجة المخلفات الصلبة, انشاء و تجهيز و تشغيل المدفن الصحى مع نشر سابقه بنشر حاويات جمع المخلفات امام المنازل ومناطق التجمع والأسواق بسعات تتراوح باوزان ٥٥ كجم ، ١١٠ كجم ، ١٦٥ كجم ، ٣٦٥ كجم , مع تحصيل قيمة الخدمات المقدمة من الوحدات السكنية
والتجارية والصناعية والخدمية على فاتورة الكهرباء .
كما وقعت عقداً لجمع
المخلفات الخطرة من المستشفيات , مع اتاحة المحافظة للشركة استغلال ثلاثة مصانع
موجودة حاليا لانتاج السماد واغلاق ثلاثة مكبات قائمة وبناء واستغلال مكب جديد
وكذلك بناء واستغلال محرقة للنفايات الطبية .
صورة أرشيفية : وقفات ضد الشركة الأجنبية |
يبدو أن المقابل الكبير للعقد الخاص مع الشركة
جعلها تتراخى في تنفيذ العقد بطريقة احترافية إستندا ً على علاقات مع الادارة
المحلية بالمحافظة , وخاصة إهمال تنفيذ
العقد في المناطق الحضرية الفقيرة والمناطق العشوائية , وعدم تشغيل المحطات
الوسيطة او المدفن الصحي بكفاءة مهنية , هذا ما اظهر مع تزايد ظاهرة فارزي القمامة
, وتجار المخلفات الصلبة .
بعد
الثورة
وهو ما ظهر جليا ًخلال الـ 18 يوم قبل نهاية حكم
المخلوع حيث تراكمت القمامة وغيرها من المخلفات في الشوارع مع محاولات لنقلها الى
اماكن بعيدة بشكل عشوائي , وعدم وعي ان نقل المشكلة الى مكان آخر يزيد المشكلة
وآثارها الصحية و البيئية و الاجتماعية , مما اصبح يهدد بكارثة صحية لم تهتم بها
الشركة خاصة مع قرأتها ان مطالب العدالة الاجتماعية ستعمل على خفض أرباحها في
العقد خاصة بعد المطالبة بجعل الخدمات واحدة في كل المناطق الراقية والفقيرة ,
فقامت بالتذرع بطلب مديونية بلغت 70 مليون جنيه مصرى من محافظة الاسكندرية لطلب
فسخ عقدها مع المحافظة , خاصة مع حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار محافظ الإسكندرية
بتحصيل تلك الرسوم مع فاتورة الكهرباء , مع تقاعس المسؤلين في مخاطبة وزارة
المالية في وقت مبكر لتدبير جزء من ديون الشركة لدى المحافظة.
الامر الذي جعل
المواطنين بالاسكندرية يعملون على ايجاد عدد من المبادرات التي تقيم انها اكثر
ثبات ومؤسسية من مبادرة وطن نظيف , يذكر منها مبادرات اللجان الشعبية للدفاع عن
الثورة بالاسكندرية للضغط الشعبي على المسئولين للعمل على اتخاذ اللازم لحل
المشكلة مؤسسيا ً من خلال تجمع شعبي للمتضريين وقيامهم بترك القمامة التي لا تجمع
من الشوارع عند هؤلاء المسئولين ليعلموا حجم المشكلة , ومنها "مبادرة ارمي
زبالتك عند الحي" والتي تم تنفيذها عند احياء شرق وغرب ووسط والمنتزة ثم صعودا
الى " مبادرة ارمي زبالتك عند المحافظ " والتي تم تنفيذها عند مقر اقامة
محافظ الاسكندرية وأخيرا ً " مبادرة ارمي زبالتك عند القصر " والتي لم
تنفذ وعلقت لرصد نتائج المبادرة الرئاسية " وطن نظيف " .
وكان من أهم هذه
المبادرات الشعبية ايضا مبادرة الاسكندرية محافظة تعاونية حيث قامت باتخاذ
الاجراءات القانونية لتأسيس الجمعية التعاونية الانتاجية للخدمات البيئة , والتي
تهدف لانشاء تعاونية شعبية كشكل مؤسسي شعبي لاتخاذ المبادرة اللازمة في قطاع ادارة
المخلفات الصلبة بالاسكندرية بصورة متكاملة , والتي واجهت البيروقراطية الادارية
حتى ظهرت الى الوجود ويجري استكمال اجراءات العمل بها .
النهضة
وفي هذه الاثناء
وعلى الرغم من اشتداد الازمة بين المحافظة والشركة الاجنبية ظهرت على الساحة شركة
نهضة مصر للخدمات البيئية التي اسسها كل من شركة المقاولون العرب وشركة فالكون
للخدمات والحراسة وبعض المستثمرين السكندريين التي قامت بشراء الشركة الاجنبية
واصولها وامتيازاتها وتعاقدتها حيث تتقاضى 11 مليون جنيه شهريا من مواطني
الاسكندرية , وهذا بالرغم من الفشل الذريع لشركة المقاولون العرب في ادارة مدفن
مخلفات البناء التي تديره منذ 13 عام .
تقرير الشركة الجديدة
... الشركة الأجنبية لم تنفذ العقد
وقد كان ضمن تقرير الشركة الجديدة ان مصانع
تدوير القمامة الثلاثة بأبيس أول وثاني والمنتزه والمدافن الصحية تعمل
"بثلث" كفاءتها فأين الادارة المحترفة للشركة الاجنبية ,وبالتالي لم
تنفذ الشركة الأجنبية العقد , ولكن لم تأتي الشركة الجديدة بما هو جديد , وهذا ما
يظهر جليا ًفي الاداء الغير كفء للشركة الجديدة سواء من حيث التشغيل حيث لازالت
تعمل على نفس سياسات الشركة السابقة وبإدارة أكثر تراخيا ً مع احتفاظها بنفس
الادارة السابقة .
عدم كفاءة = كارثة بيئية
متوقعة
ورصد عدم كفاءة التعامل مع العاملين مما يوجد
عدم جدية واهتمام من العاملين في اداء العمل نتيجة انعدام وجود صرفيات ملابس واقية
حتى ان العاملين يرتدون ملابس الشركة القديمة التي تمزقت , مع عدم توافر مهمات
الوقاية تماما , مع ضعف القدرات التنظيمية والادارية والتشغلية للشركة , وذلك مما
اوجد سخط لدى المواطن السكندري , وتخوف لدى الجهات الصحية والبيئية من المجتمع
المدني لزيادة آثار الكارثة الصحية والبيئية المتوقعة مما حدا باللجنه القانونيه
لهيئه حمايه المواطن السكندري لتقديم بلاغ جديد للمحامي العام الاول لنيابات
الاسكندريه، ضد المحافظ ورئيس شركه النهضه بسبب انشار القمامه في شوارع المحافظه.
خطأ العقد ... تاني
ونظرا ً لوقوع
المحافظة في نفس الخطأ بتثبيت اسعار الخدمة وفرضها فرضا على المواطنين وعدم مراعاة
اقتصاديات ادارة قطاع المخلفات الصلبة فتراخت أيضا الشركة , مع زيادة أعداد فارزي
القمامة " الزبالين " الذي حيث تم جذب عدد كبير من العمال غير المهرة
والذين ليس لهم فرص عمل بديلة وبالتالي يكون هناك عدد كبير من الفقراء في المنظومة
, والعمالة في هذا القطاع غير متجانسة منهم العمالة الدائمة وهم من يعملون في هذا
المجال فقط , الى جانب العمالة المؤقتة التي تتكون من العمال الموسميين و عمال
البلدية الذين يرغبون في عمل تكميلي بعد العمل الأصلي .
نجد من ضمن أعمال لقيطة وفارزي القمامة بالشوارع
الذين ينظر إليهم نظرة سلبية من المجتمع , يعيشون في المناطق الاكثر فقرا ً ,
ينبذهم المجتمع لذا يعملون في الشوارع خفية , ويعمل لقيطة الشوارع في الجمع والفرز
بهامش ربح ضئيل لصالح التجار الكبار الذين يملكون المخازن ومصانع اعادة التدوير ,
على الرغم انهم السبب الرئيسي قيام الشركات بجمع قمامة فقيرة بعد لقيطة الشوارع ,
مع زيادة في تهميش فارزي القمامة اجتماعياً.
تكلفة التشغيل الأقل
إقليمياً ... الأرباح الأكبر إقليمياً
وعلى الرغم انه وفقا ً لبيانات الشبكة الاقليمية لتبادل المعلومات والخبرات
في ادارة النفايات في دول المشرق والمغرب العربي التي تقدر التكلفة المتوسطة
للانفاق علي كل طن من المخلفات تصل الي ما بين 2 و3 دولار للطن وهو ما
يجعلها أقل تكلفة من بين بلدان المنطقة, حيث تصل هذه التكلفة في لبنان إلي
نحو50 دولارا للطن و20 دولارا في الاردن و25 دولارا في تونس و21 دولارا في
المغرب و11دولارا في سوريا , وعوائد التشغيل بالقاهرة والاسكندرية 110 جنيه مصري
, وباقي المحافظات 60 جنيه مصري بما يعكس الربحية الكبيرة للمؤسسات العاملة في
القطاع على الرغم من فقر المخلفات الصلبة في مصر نتيجة نشاط فارزي القمامة , إلا
انه لازلنا في وطن ليس نظيفا ً , ولكل هذا زاد الشارع المصري عامة و السكندري خاصة
دراماتيكية مبادرة وطن نظيف الرئاسية حيث اضاعت أي أمل مؤسسي قريب وجاد في حل
مشكلة قطاع يعكس مبادئ العدالة الاجتماعية وفقا للمعايير العالمية , وتظل القمامة
والمخلفات الصلبة بالشوارع .
بجد التقرير رائع وشامل كل المعلومات جهد مشكور ا\ إسلام
ردحذفنشكرك ... ونتمنى متابعتنا ... فلدينا دائما جديد
حذف