تعامل الشرطة مع المتظاهرين يوم 25 يناير 2011 |
بقلم : إسلام أبو المجد
الوهم
لغة هو الظن الفاسد والخداع الحسي وكل ما هو غير مطابق للواقع, والوهم تعريفًا هو
إدراك الواقع على غير ما هو, والوهم من وجهة نظرفلسفية هو كل خطأ في الإدراك الحسي
أو في الحكم بشرط أن يعد هذا الخطأ طبيعيا بمعنى أن الذي يرتكبه يكون قد خدعته
المظاهر, وتلجأ أنظمة حاكمة إلى الوهم من أجل الحفاظ على استمرارها أمام المواطنين
بوضع أقنعة من الوهم فتحتمي بصورة وهمية خوفا ً من رد فعل العامة إذا رأوا
الحقيقة.
هذا
الوهم الذي استخدمه النظام الحاكم في مصر على مدار سنوات طويلة من ضمنها سنوات حكم
حسني مبارك قبل بدء الثورة المصرية أو شهور حكم محمد مرسي بعدها, وإذا كان الوهم
أداة لحماية وجود هذا النظام, فالوهم وظيفي, لكن بمقدار ما يكون حاميا ً يكون
كاشفاً, إن كل يوم يكشف ركن جديد من أركان الوهم الذي يحيط المصريين, كل يوم تسقط
أشخاص وأحداث وأفكار من دائرة الحقيقة إلى دائرة الكذب, كل يوم تسقط أقنعة العار.
لقد
أشاد محمد مرسي أمس بدور الداخلية , بل قال أن الثورة – التي لا يعرفها لأنه عدو
لها – جائت مواكبة لأعياد الشرطة تقديرا ً لدورها , وكأني أسمع منادي يقول :
" أليس بينكم رجل شديد " , يريد أن يبيعنا الوهم.
وقد
أعلن من قبل ذلك من يجلس في كرسي النائب العام قرار الضبطية القضائية للمواطنين ,
والتي لاتزال مستمرة أحد المحطات الهامة الدالة على هذا الوهم, وهم الديموقراطية،
وهم الحرية, وهم استقلال القضاء وهم عجلة الإنتاج ووهم التغيير, فقد كان دور هذه
الكذبة الكبرى إيهام المصريين للعمل من خلال أبواب خلفية على قتل الحلم الثوري في
عيش – حرية – عدالة إجتماعية وكرامة إنسانية, الحلم الذي خرج في سبيله الملايين,
وأصيب فيه الالاف, واستشهد من أجله المئات, وكما كان هذا الوهم يعمل على حماية
النظام, كان كاشفاً لقبحه وظلمه, وقبح من يعمل معه وتحت إمرته, وهنا يظهر التناقض.
إن
معتقلي الرأي , ومسجوني القبض العشوائي بالشوارع , والمقتولين تعذيباً وتنكيلاً ,
والمسحولين والشاربين للظلم من كيعانهم , رأوا بعين اليقين الوهم الذين لا
يريدوننا تحطيمه.
إسئلوا
البائع القعيد أمام البورصة التجارية كيف لم يترك فرشته وقنبلة الغاز تتراقص
فوقها, وكيف جذب زوجته للقيام بابنه ذي الستة أشهر بعد أن شلهم ضباب الغاز, اسئلوا
كيف وقف شاب أمام مدفع غاز المدرعة وضابط شرطة النظام يطلب منه التراجع حتى يستطيع
أن يضرب من خلفه, اسئلوا كيف تراقصت المدرعة أمام رشق حجارة الثوار وضابط شرطة
النظام مرتعب لفقدانه خوذته في مواجهة من لا يملكون دروعاً , إنهم رصدوا الوهم , وعزموا أن يحطموه.
الوهم
غشاء يغطي الإستبداد والكذب والغش, طوبى لكل من يحطمه, فليمحو الجرافيتي, وليكمموا
الأفواه في الصحف والإعلام, وليسحلوا, وليعتقلوا, بل وليقتلوا, أنهم بغرور يذهبون
بعمى قلوبهم إلى الهاوية, بينما يتحطم الوهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق