صورة أرشيفية |
بقلم : سعيد عز الدين
طالما تغلب على تعاملاتنا اليومية
محاولات اسغلال بعضنا البعض, فلا اريد ان يحدثني احد عن التضامن وإستقلال الإرادة
الوطنية وغيرها من الشعارات البراقة.
صباح اليوم ، في طريقي المعتاد لعملي بمنطقة الطابية، صادفني تكدس مروري غير طبيعي, و عند مزلقان المعمورةـ وجدت بعض الشباب من المتطوعين، يحولون مسار السيارات المتجهة من المعمورة في اتجاه أبي قير و الطابية ، للسير بمحازاة السكة الحديد من الناحية البحرية في الطريق الموازي لسور المعمورة.
كان من المفترض ان يؤدي بنا هذا الطريق بشكل مباشر إلى مزلقان ابي قير، ثم نتجاوزه من جديد لنتجه لمنطقة الطابية و ذلك بهدف تخفيف العبء عن الطريق الرئيسي وعلى بعضنا البعض كمواطنين نبحث عن إستقلال الإرادة والكرامة الوطنية.
ولكننا تم تحويل مسارنا بالإجبار مرة اخرى، نتيجة أعمال الصرف الصحي لشركة المقاولين العرب للدخول من البوابة الأخيرة لمنطقة المعمورة، والتي من خلال أحد المدقات الزراعية المتفرعة منها سنستطيع الوصول لغايتنا المرحلية "مزلقان ابو قير" , كل هذا الإلتفاف و كل هذه المعاناة كانت تصحبها الإبتسامات المتبادلة بين السائقين بعضهم و بعض، و التي تحمل مشاعر المواساة والشد على الأيدي والتضامن في الأزمات.
و تبددت كل هذه المشاعر عندي، عندما وقع بصري على مشهد عجيب, فقد وجدت موظفي الأمن على البوابة يسارعون بإحضار دفاتر التذاكر , ويقطعون التذاكر للمشاريع و سيارات الأجرة قبل الملاكي, وكأننا جميعا جئنا لنقضي يوما جميلاً و هادئاً على الشاطيء، بدلا من التدافع للحاق بأعمالنا و كلياتنا و مدارسنا.
وعندما وصلت بمقدمة سيارتي للموظف المختص، قلت له بهدوء: "أنا لا اريد الدخول للشاطيء أو للمعمورة بصفة عامة و لكنني مجرد اريد العبور للحاق بعملي فلا داعي لدفع ثمن تذكرة, و خاصة أن مدخل الطريق الفرعي وبوابة الخروج الأخرى لا يبعد عن تلك البوابة إلا عشرات الأمتار, فستراني و أنا اغادر، قبل ان تعد ثمن التذكرة".
فما وجدت منه إلا تعنت عجيب, وصرخ: "يا علي ، اقفل" , و عندها إبتسمت في هدوء وقلت له: "أنا لن ادفع ثمن تذكرة لأذهب لعملي" , فأشتد غضبه ، و ذهب عني، و جاء برئيسه السيد مدير أمن المعمورة، والذي لم يكن بعيداً عما يحدث .
بادرني مدير أمن المعمورة : "خير يا أستاذ؟ , قلت : "أنا رايح شغلي، مش داخل أصيف والسكة
مقفولة، وكلنا أجبرنا نمشي من هنا, وقطع التذاكر بالشكل العجيب ده إستغلال لمعاناة
الناس، بدل ما تساعدوهم على حل المشكلة", رد علي :" بس حضرتك داخل المعمورة، فلازم تقطع
تذكرة", رديت : "للأسف مش حقطع تذكرة، و ممكن حضرتك
تجيبلي مدير الأمن أو المحافظ شخصيا اكلمه, وفي الأخر مش حدفع برضه", قال لي : "يعني حضرتك مش عايز تروح شغلك؟" , قلت :" لا طبعا عايز، بس حضرتك ورجالتك
قاطعين الطريق و بتاخدوا اتاوة من الناس" , قال مستنكرا :" اتاوة , خلاص يا بيه عدي ، بس المرة
الجاية تدفع, أفتح يا علي للبيه".
لم أشعر بالنصر، لمروري بهذه الطريقة ،
ولكنني شعرت بالضيق أكثر عندما وجدت أنني الوحيد الذي فعل ذلك بينما أنهمك الكل في
تجهيز ثمن التذاكر لدفعها للموظف, وحينها تذكرت كلمات صديقي الذي لم أره، "ستيفن
بيكو"، ذلك الشاب الجنوب افريقي الجميل الذي حمل لواء النضال و مانديلا في السجون،
ثم قتلته الشرطة لخوفهم من فكره, لقد قالها "بيكو" : "اقوى سلاح يمتلكه
الظالم، هو عقل المظلوم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق